حمداً لك اللهم على نعمة الإيمان وعلى نعمة الإسلام وعلى نعمة القرآن وحمداً لك الله على النعمة المسداة محمد صلى الله عليه وسلم.. أما بعد:
رأيت أن أكتب مستعيناً بالله في جماليات هذا الدين، والذي يعتبر الدين كله جماليات كما أخبرنا بذلك ربنا فقال: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} [البقرة:138]، {قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [الفرقان:6].
فجماليات هذا الدين كما قلت آنفا غير منتهية والتي تتمثل في الحرية، والشورى، والعدل، والتكافل الإجتماعي، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله.
كل هذه القيم الكبرى تعتبر من جمالياته والتي سبق الإسلام بها أصحاب المذاهب الفكرية المعاصرة وأصحاب الحضارات غير أني سآخذ بعضا منها تبياناً للناس وهداية لنا جميعاً وسأبدأ بما أمر الله به فقال: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة:5] وحث رسوله الكريم في إعلام الخلق بذلك فقال في خواتم سورة الأنعام {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:162].
إذا نحن أمام مبدأ عظيم عليه مدار قبول الأعمال في الدنيا والآخرة يقول الله عز وجل في خواتم سورة الكهف: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف:110].
قال المفسرون أن قبول الأعمال له شرطان أساسيان:
=الشرط الأول: العمل الصالح وهو الموافق لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لذلك نجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حديث آخر: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد».
=الشرط الثاني: الإخلاص لله عز وجل وقد فسر الفضيل بن عياض رحمه الله قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك:2] بقوله: أخلصه وأصوبه أهمية هذه الركيزة -الإخلاص.
1= أنه مقدم على العمل فالعاقل هو الذي يراجع نفسه قبل أن يعمل فإن كان لله عز وجل أمضاه وإن كان لهوى أو شهوة نفس أحجم عنه وراجع نفسه، ولهذا نجد الرسول صلى الله عليه وسلم يبين له أصحابه عندما سألوه عن الرجل يقاتل شجاعة ويقال حمية فقال: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو شهيد».
وحذر أصحابه من الرياء وأخبرهم أن أول من تسعر بهم جهنم هم المراءون في أعمالهم والذين يسعون جاهدين لإشباع شهوات أنفسهم الخفية والتي لا تظهر للعامة من الناس فقال أن أول من تسعر بهم جهنم هم العالم والمقاتل والمنفق، لأن أعمالهم كانت من أجل ان يقال لهم في الدينا.
2= إن الإخلاص عليه الأجر والثواب الجزيل وتقبل الأعمال وإن كان العمل قليلا {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:27].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها به».
وعنه أيضاً: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخّره فشكر الله له فغفر له».
3= الطمأنينة وسكون النفس التي يحصل عليها المخلص لله عز وجل.
4= تفريج الكربات كقصة الثلاثة الذين كانوا في الغار، وقصة أصحاب الكهف.
5= الإنتصار: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ* وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ*وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَاللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}.
6= العصمة من الشيطان: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ}، {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ*إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}.
7= نيل شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قلت يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟! فقال: «لقد ظننت يا أبا هريرة، أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك، لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصاً من قِبَل نفسه».
الكاتب: عبد الجليل الفقيه.
المصدر: موقع ياله من دين.